الخميس، يوليو 24، 2008

:: مغامرة رأس المملوك جابر .. سعد الله ونوس

:: مغامرة رأس المملوك جابر .. سعد الله ونوس

(الجزء الثالث)

الحكواتي : والمملوك جابر ذكي وذكاؤه وقاد . لمح الفرصة تواتي ، فانقض عليها بلا تراخ . يؤمن أن الفرصة قد لا تأتي مرتين .
وسر الفطنة ألا تحتاج الفرصة مرتين . وإن أسعفه الخيال ، صارت الأماني سهلة المنال . ماذا يعنيه ما يجري في بغداد ما دام هو الرابح في الختام ؟ ونزل إلى أبواب المدينة مرات وعاد ... وأعمل الفكر ، ونقب عن حيلة أو سر . وجابر ذكي وذكاؤه وقاد . إذا أكد ذهنه فهو لا ريب بالغ مراده .. ولم يزل في تفكير حتى وجد التدبير . عندئذ أشرق وجهه بالسرور ، وطلب بالعجل الدخول إلى الوزير .. ( خلال كلام الحكواتي توضع قطع ديكور تمثل ديوان الوزير قاعة فاخرة الرياش والأثاث . يظهر في الديوان الوزير ومعه أحد أصحابه ) . إنه عبد اللطيف أحد أمراء بغداد ذوي الغنى والنفوذ . الوزير تجاوز الأربعين ، وهو بدين ، وفي تقاطيع وجهه لؤم قديم ومزمن . منقبض الأسارير ، يمور في عينيه حقد كظيم .. يبدو شديد القلق والانفعال .. يجلس لحظة ، ثم ينهض بعصبية فيدور في أرجاء القاعة وبحركة لا إرادية يمد شفته السفلى ، فيتناول شعرة من شاربه يقضمها بأسنانه . ثم يتف .. ومن حين لحين يخرج من جيب صدريته علبة نشوق ، فيتناول بين إصبعيه قليلا منها يدسه في فتحتي أنفه ، ويعطس .. نراه يفعل ذلك مرتين على الأقل قبل أن يدخل عليه الحارس .. عبد اللطيف هو الآخر لا يقل عصبية عن الوزير ، لكنه يحاول أن يتماسك في مقعده ( يدخل الحارس ويقترب من الوزير ) .
الحارس : سيدي .. على الباب واحد من مماليككم يطلب المثول بين أيديكم .
الوزير : ماذا يريد ؟.
الحارس : لم يفصح عن قصده لكنه يلح في مقابلتكم على انفراد .
الوزير : ( بحركة ضجرة ) دعه ينتظر .
الحارس : سمعا وطاعة . ( ينسحب من الديوان ) الوزير : ( وهو يدور قاضما شاربه بأسنانه ) والآن ...
عبد اللطيف : لنعترف أنهم كسبوا نقطة . لم يتخيل أحد أن الخليفة سيتحرك بهذه السرعة .
الوزير : ( بعنف ) أما أنا فقد تخيلت منذ فترة وتحركات أخيه عبد الله تزداد وتتسع . وهو الدماغ الذي يدبر كل شيء . اتصالات بكبار التجار . رسائل إلى الولايات . اجتماعات سرية بالخليفة ، ( يتحول صوته صياحا ) كان ينبغي أن نتوقع ضربة مفاجئة على رؤوسنا .
عبد اللطيف : هوت الضربة قبل أن نجد الفرصة لتوقعها .
الوزير : كانت لدينا كل الفرصة ، ولو أصغيتم إلى لما فقدنا المبادرة .
عبد اللطيف : من كان يعلم أن الأحداث ستجري بهذه السرعة ؟.
الوزير : لا .. لن تأتي الآن لتقول لي من كان يعلم . نبت الشعر على لساني وأنا أستحثكم . كان واضحا أنهم يريدون تصفيتي وتشتيت الأمراء المؤيدين لي ، وأنت على رأسهم . ذلك سبيلهم الوحيد كي ينفردوا بالحكم ، ويدبروا الدفة على هواهم لا .. لا تقل لي من كان يعلم الأوراق مكشوفة حتى قبل انفجار الأزمة الأولى . ولولا ترددكم لا بتلعهم إبليس قبل أن يجدوا الوقت لتطويقنا . عبد اللطيف : ليس سهلا أن تطلب غزوا أجنبيا دون تقدير جيد للموقف . أنت تعرف ماذا يعني الجيش الغازي عندما ينتصر . إنه خراب طائش ، قد تستحيل السيطرة عليه . الوزير : ولكن الجيش الغازي يأتي ليحمي مصالحنا ، ويجهز لنا كرسي السلطة . فماذا يهمنا بعد ذلك بالتأكيد سيكون هناك خراب . لن يدخل الجيش بالدفوف والغناء ، ولن يوزع الورود والعطور . هذه حرب .. سيقتلون ويخربون . طبعا لمن يبقي من ذرية الخليفة حي ، وستصبح قصوره خرائب كما لن يوفروا المدينة . هي الأخرى سينهبونها . على أي حال هذه ضريبة الانتصار. أما نحن فماذا يخيفنا ؟ ليدعموا لنا السلطة . فهل نطلب أفضل من ذلك .
عبد اللطيف : المهم ... كان لا بد من دراسة الظروف المحيطة بنا .
الوزير : ليست الظروف المحيطة بنا لغزا مستعصيا. الصراع واضح الأبعاد . وأمامنا اختياران لا ثالث لهما . إما أن تقبل تصفيتنا أو نطلب عونا خارجيا يحسم الصراع عبد اللطيف : أنت نفسك تمهلت ، ووافقت على أن الأمر يحتاج إلى استعداد .
الوزير : بالتأكيد .. كان ضروريا أن نضمن ولاء عدد من القواد ،.
وأن نتخذ بعض الترتيبات ، كيف نغريهم بالغزو إن لم نضمن لهم النصر هنا ! .
عبد اللطيف : على كل حال .. لا فائدة الآن من تبادنا اللوم . لقد حزمنا الرأي في النهاية . وأجمعنا على أن تبعث الرسالة . .
الوزير : ( يتناول نشوقا ، ويعطس ) نعم .. حزمنا الرأي عندما أفلتت من أيدينا المبادرة ( يعطس مرات متلاحقة .. ويسود قليل من الصمت المتوتر ) . .
عبد اللطيف : قل لي .. هل تعتقد أنهم اكتشفوا خطتنا ، أم هي مجرد احتياطات وقائية ؟.
الوزير : من المؤكد أنهم يرتابون ، عند عبد الله جهاز من العملاء والمخبرين أن الفرقة التي استخدموها لإغلاق بغداد هي فرقة القصر التي يشرف عليها عبد الله بنفسه أي الفرقة التي ليس لنا فيها أعوان ربما لا يعرفون الخطة بتفاصيلها ، ولكن من المؤكد أنهم يرتابون ، ويحتاطون لكل احتمال . .
عبد اللطيف : إذا كانوا يعرفون حقاً ، فسيعجلون إذا بالصدام ، وقد تكون تلك خطوتهم الأولى .
الوزير : الصدام لا ... ( ينشق ويعطس ) لن يقامروا الآن عبد الله دقيق في الحساب . وهو يعرف أن النتائج غير مضمونة . ( لحظة ) خطوتهم التالية مكشوفة . سيحاولون قبل كل شيء الاتصال بحكام الولايات ، وضمان الإمدادات ، سيقدمون كل التنازلات التي يطلبها الولاة ، سيمنحونهم الاستقلال إذا لزم الأمر مقابل أن يضمنوا وصول القوات أما قبل ذلك، فلن يقامروا بالصدام . سيكون أمامنا فترة من الترقب ، والهدوء المحتقن . .
عبد اللطيف : ومع ذلك من المفيد أن نتخذ بعض الاحتياطات . هناك دائما مفاجآت غير محسوبة . ومن يدري قد تستغل العامة هذه الظروف ، فتشعل نار الشغب ، حينئذ لا أحد يعرف كيف يتحول الموقف . .
الوزير: ( باحتقار ) العامة ! ومن يبالي بالعامة ؟ ..لا هؤلاء لا يثيرون أية مخاوف ، يكفي أن تلوح لهم بالعصا حتى يمحوا ، وتبتلهم ظلمات بيوتهم . .
عبد اللطيف : وخطيب الجامع ! أي موقف سيتخذ في رأيك ! إذا شاء يستطيع أن يهيج العامة ، وأن يلعب دور مؤثراً لا أكتمك ... أنا لست شديد الثقة به . .
الوزير : لا تخف .. أعرف خطيب الجامع أكثر منكم . إنه دقيق النظر ، وبعيد في حساباته ، لا يورط نفسه ، ولا يمشي خطوة إلا إذا كان واثقاً أن خط الرجعة مأمون . ستكون خطبة الجمعة أدق من إبرة الميزان . سيختار كل كلمة بحيث لا يوحي بأي انحياز ( تعبير ازدراء على وجهه ) لا .. كل هذه المسائل ثانوية ، ولا ينبغي أن نضيع وقتنا فيها . أمامنا فترة قصيرة من الهدوء . لكننا في سباق مع الوقت . لو نجحوا في اتصالاتهم قبلنا ، فلن تكون السيوف رحيمة . سيقطعون رؤوسنا واحدا بعد الآخر . وسيعلقونها في ساحات بغداد كمشاعل النصر . أتسمع ! رأسي ، رأسك ، ورؤوس الآخرين ... ستعلق في الساحات ، والدم يقطر منها على وجوه الراقصين حولها . إننا في سباق مع الوقت لمبادرة في أيديهم هذا هو وضعنا . .
عبد اللطيف : وضع دقيق تحفه المخاطر . كل شئ مرهون بالرسالة ، ولكن .. .
الوزير : ( مقاطعا بحدة ) دعنا من هذه الـ " لكن " إذا لم تخرج الرسالة من بغداد فقل علينا جميعاً السلام . قضية حياة أو موت . ينبغي أن تنفذ الخطة مهما كان الثمن لم يعد مهما . سنقبل كل المخاطر ، كي تخرج الرسالة من بغداد . .
عبد اللطيف : ألديك اقتراح معين ؟ .
الوزير : لنعقد اجتماعاً هذا المساء . لا مجال للاختيار . أما أن ننفذ الخطة أو ننتهي .
عبد اللطيف : ( بعد لحظة ) فكرة معقولة . ربما كان لدى الآخرين اقتراحات نافعة . .
الوزير : لابد أن نجد مخرجاً .
عبد اللطيف : هل ندعو الجميع ؟ ( يدخل الحارس ) . .
الوزير : نعم .. الجميع .. ولا تنس أن جواسيس عبد الله ينتشرون حولنا كالذباب .. ( لحظة ) هـ ...كسبوا نقطة ، إلا أنهم لم يكسبوا الجولة ، ولن يكسبوها ما دمت حيا . .
الحارس : ( مرتبكاً وخائفاً) سيدي .. المملوك يلح كثيراً في الدخول عليكم . يزعم أن لديه أمراً هاماً لا يقبل التأجيل . .
الوزير : ( غاضباً ) يلح .. يلح ... ماذا يريد هذا الغراب ؟ .
الحارس : لا أعلم يا سيدي .
عبد اللطيف : طيب ... سأمضى الآن .
الوزير : لا تنسي أنهم يشددون الرقابة أيها الأمير . .
عبد اللطيف : كن مطمئنا . .
الوزير : ( بعد فترة ) دع هذا الغراب يدخل . سأجعله عبرة إن كان يدخل على لشأن تافه . .
الحارس : ( وهو يتراجع بانحناء ) سمعا وطاعة ( عندما يصل إلى الباب . ينادي ) ... ليدخل مملوك سيدنا الوزير .
( يدخل جابر . قسمات وجهه يتراقص عليها الفرح . في عينيه تتوهج النظرة الذكية ، يبالغ في الانحناء ويزيد في مظاهر الاحترام ، حتى ينكشف النفاق واضحاً ) . .
(جابر : لا يزال ينحني ) السلام على مولاي وولي نعمتى وزير بغداد المعظم . .
الوزير : ( بإهمال ) ألست المملوك الطويل اللسان جابر !.
جابر : أطال الله عمر سيدنا الوزير وقصر عمر أعدائه ، هو أنا مملوككم جابر . .
الوزير : ( يتناول نشوقه ) هيا .. ولا تطل على الثرثرة . ويلك إن كنت تدخل على لأمر تافه . .
جابر : ( فيما يبدأ الوزير يعطس ) حاشا يا مولاي .. ورب الكعبة ، حين علمت أن سيدنا الوزير مكدر البال ، تكدر بالي ، وضاقت بي الأرض حتى صارت كالكشتبان .
الوزير : ( بدأ يغضب ويزوي ما بين حاجبيه ) أجئت تبثني .
العواطف ! إن كان لدي ما تخبرني ، فقله وأوجز لا يدخل على واحد منكم إلا بأخبار السوء ، وخلقه يتعوذ بها البوم . .
جابر : لا عشت إن حلمت لسيدنا الوزير ما يسوءه. جئت ألبي له حاجة إن كان هناك ما يحتاجه .
الوزير : ( يدقق النظر ) تلبي لي حاجة ‍ ومتى كان فيكم خير ما إن ألواح لواحد بمهمة حتى يبدأ بالارتجاف كأنه مقبل على الموت . .
جابر : ها أنذا قدام مولاي ، حياتي رهن إشارته ، وفي المواقف العسيرة لانعدم حيلة . .
الوزير : أعرفك طويل اللسان .. فأفصح عما في نفسك حالاً ، جئت تتملقني ، أم تخبئ شيئا وراء ما تقول ؟ .
جابر : عندما يمتحنني سيدي يعرف إن كان تملقا ما أقول . .
الوزير : هل تعرف المهمة التي أبحث لها عن رجل ، يحملها ويخاطر من أجلها ؟ جاد : لا ينبغي أن أدس أنفى فيما لا يعنيني . ولكن حين علمت أن سيدي مكدر البال ، انشغل فكري ، وبدأت أسأل عن السبب ، حلمت أنا العبد المملوك أن أعمل شيئاً يبدد كدره ، وينيله أريه .. وبعد بحث وطول ، عرفت أن ما يشغل سيدنا هو رسالة يريد أن تخرج سالمة من بغداد .
الوزير : أصبح أمرنا مشاعا في كل المدينة . .
جابر : ليغفر لي سيدي هذا الفضول ، ما قصدت أن أدس . .
الوزير : ( مقاطعاً ... وقد أثير اهتمامه ) لا عليك أيها المملوك ، فات أوأن الحرص ، ما يهمنا الآن أن نجد رجلاً يحمل المهمة ، ولو اجتاز في سبيلها الأهوال . .
جابر : قدامك يا سيدي . .
جابر : أي والله رأيتهم يا مولاي . أعوذ بالله .. لا نجاة من أيديهم حتى ولو لبس المرء قبعة الخفاء . يفتشون الداخل والخارج كأنه في يوم الحساب ( يتمهل .. يخفض صوته ، ويقرب وجهه من الوزير ) ومع هذا .. فسنسخر منهم . ونجعلهم أضحوكة بغداد لأعوام وأجيال .
الوزير : ( منفعلاً .. يعطس ) نسخر منهم .. ماذا تقول أيها المملوك ؟ إن كنت تعبث فسأصنع من جلدك طبلاً ودربكة هيا .. أخبرني كيف تريد أن تسخر منهم . هل وجدت تديبرا نافعاً . .
جابر : التدبير جاهز يا مولاي .
الوزير : ( لشدة انفعاله ، يتناول نشوقه أيضاً .. ) هات ما لديك بالعجل ، إن كان ما تقوله صحيحاً . .
جابر : ( بابتسامة خبيثة ) إن كان ما أقوله صحيحاً ؟ .
الوزير : فسأجزل لك العطاء .
جابر : لا أبتغي إلا مرضاه سيدي ، إلا أني أجد نفسي ضعيفاً أمام كرمه . .
الوزير : لا تساوم ، سأعطيك ما تريد . .
جابر : أيمن على عبد بمركز يرفعه من ضعته ؟ .
الوزير : أعطيك ما تريد لو بلغت رسالتي .. .
جابر : ويكرمني فيزوجني زمرد خادمة سيدتي شمس النهار ؟ .
الوزير : ( نافذ الصبر ) هي لك .. وفوقها مال كثير ، ولكن أرنا أولاً تدبيرك . .
جابر : ينحني مقترباً من الوزير .. لهجة بطيئة مع تشديد على الكلمات ) إني أهبك رأسي يا مولاي . .
الوزير : تهبني رأسك ؟ وماذا تريدني أن أفعل برأسك ؟ مرة أخرى أحذرك أيها المملوك . إن كنت تعبث فسأجعل من جلدك طبلاً ودربكة . .
جابر : لو لم يكن رأسي نافعاُ ما قدمته لمولاي .. .
الوزير : وما نفعه لي ؟ .
جابر : راقبت الحراس ساعات طويلة يا مولاي . رأيتهم كيف يفتشون ، وكيف تتغلغل أصابعهم كالثعابين في كل شيء يمزقون الثياب يقطعون الأحذية يؤلمون الناس وهم يغرسون أظافرهم في كل بقعة من أجسادهم . البطون والظهور .. وأحياناً ما بين الأفخاذ .. ولكن أحد منهم لم يخطر بباله أن يفتش تحت شعر الرأس . .
الوزير : ( ببلاهة ) وماذا سيجدون تحت شعر الرأس سوى القمل والبراغيت ؟ .
جابر : قد يجدون الرسالة التي يفتشون عنها يا مولاي . .
الوزير : ( مندهشاً .. تتوقف يده التي تبحث عن بعض النشوق .. ) الرسالة ؟ ( لحظة تلتقي فيها العيون وهي تبرق ) أتعني ‍ .
جابر : نعم يا مولاي ... ( يلتفت حوله بحذر ) أرجو ألا تكون حولنا آذان فضولية . .
الوزير : من يجرؤ على الاقتراب من الديوان . .
جابر : إذن إليكم التدبير .. ننادي الحلاق ، فيحلق شعري ، وعندما يصبح جلد الرأس ناعما كخد جارية جميلة ، يكتسب سيدنا الوزير رسالته عليه . ثم ننتظر حتى ينمو الشعر ويطول فأخرج من بغداد بسلام . .
( يلهث الوزير منفعلاً . يشع النشوق في أنفه ... ولشدة انفعاله لا يعطس .. فيصبح .
وجهه كالقناع المدعوك . تثور همهة ، وتعليقات بين الزبائن .. ).
زبون : يحرز دينك .
زبون 2 : من أين وجدها ؟.
زبون 3 : الله يحميه .. يا عيني عليه .. ما هذه الفطنة .
زبون 1 : أي هيك تكون الرجال . مثله يستطيع أن يلعب بدولة .
زبون 2 : ابن زمانه .. قلت لكم منذ رأيته أول مرة ، هذا ابن زمانه . .
الوزير : ( يحاول التخلص من انفعاله ) انتظر .. انتظر .. نحلق شعر رأسك أولا .
جابر : أي نعم .
الوزير : ثم نكتب الرسالة عليه .
جابر : أي نعم .
الوزير : وننتظر حتى يكتسي الرأس مرة أخرى بالشعر ، وتختفي تحت سواده الكلمات .
جابر : أي نعم .. ( يبحلق الوزير فيه بعينين مندهشتين ، وكأن ذهولا قد ألم به فجأة يعطس بشدة ) .
زبون 3 : يبدو الوزير وكأنه لا يصدق .
زبون 2 : فكرة تساوي كنزا .
الوزير : ( مقتربا من جابر ، وفي وجهه خلف الذهول حنان ) والله وجدتها أيها المملوك .
جابر : ( بنظرة ذات معنى ) لعل مولاي لا يندم على وعوده ، ما دام قد أعجبه تدبير مملوكه .
الوزير : ( عيناه سارحتان ، يخفق فيهما فرح وتشف ) لا تخف .. الوعود محفوظة .
( بعد أن يلقي بإهمال هذه العبارة يدور في أرجاء القاعة ، وكأنه يتابع عينيه السارحيتين ) .
زبون 3 : منذ قليل كان يبدو كفأر في مصيدة .
زبون 2 : بعد تدبير جابر تغير الحال .
الوزير : كسبوا نقطة .. ربما .. ولكن ها أنذا أكسب الجولة . تسلمنا المبادرة منهم ، وإني أمسك المنتصر وأخاه في قبضتي .. وسأعصرهما .. ( بشدة قبضته ) حتى يصبحا عجينا فاسدا . ستكون المفاجأة ، ولنتحسس جيدا مواطئ أقدامنا . .
جابر : ( متعجلا ) هل يأمر مولاي بالبدء . كلما أسرعنا كان ذلك أفضل .
الوزير : ( ينتبه من شروده ) حقا .. ينبغي ألا نضيع دقيقة واحدة . إننا في سباق مع الوقت .. ( يقف قبالته . وينظر إليه بإعجاب وفرح ، ثم يمد يده إلى رأسه ، ويعبث في شعره بحركة غريبة ) سيكون لتدبيرك شأن في المستقبل أيها المملوك جابر .
جابر : ما يهمني هو أن يكون مولاي راضيا ، وأن يشملني عطفه وكرمه . .
الوزير : ( باسما ) خلف المقال أنت لجوج . كأنك تشك في عهودي .
جابر : معاذ الله ..
الوزير : قلت لك .. عندما تبلغ الرسالة نعطيك من المراكز ما تريد . وفي بغداد ستنتظرك المرأة التي تشتهي ، وكوم من المال . .
جابر : أمد الله في عمر مولاي ، وجعل أيامه موصولة بالظفر والمسرة ..
الويز : والآن ... إلينا بالحلاق ...
جابر : أجل .. إلينا بالحلاق .. وليحمل من الأمواس أحدها .
( يخفت الضوء في القاعة ، بينما يشتد على الكرسي التي يجلس عليها الحكواتي . سيتم المنظر على شكل تمثيل إيمائي وطقسي .. فالحركات ذات إيقاع بطيء ، يزيدها صمت الممثلين ثقلا ، حتى لتصبح شبيهة بطقوس غامضة ، وسحرية . تمتزج الحركات بكلام الحكواتي ، وتشكل معه ما يشبه اللحن الحزين ) . .
الحكواتي : وطلب الوزير أن يحضر الحلاق في الحال . وأن يحمل معه من الأمواس أشدها بريقا ، وأمضاها حدا . وعلى الفور جاء الحلاق إلى الديوان يتبعه ثلاثة من الغلمان . ( يدخل الحلاق ووراءه الغلمان الثلاثة . يسيرون بخطوات موزونة ، بطيئة ، بالغة التأدب ، يلبسون ثيابا ناصعة البياض ، ويحملون معدات الحلاقة . أحد الغلمان يحمل كرسيا عاليا ومسندا للقدمين . والثاني يحمل حقيبة فيها عدة الحلاقة وبعض المناشف . أما الثالث ففي يديه دورق وطشت من الفضة الخالصة ، يتقدم الجميع نحو منتصف الديوان . وبين الفينة والفينة لا ينسون أن ينحنوا باتساق ، وبشكل احتفالي . عندما يصلون إلى حيث يقف الوزير وجابر ، ويبدأون في الإعداد للحلاقة . يوضع الكرسي في مواجهة الجمهور ,أمامه المسند الجو ثقيل بطابعه الاحتفالي .. ).
الحكواتي : وقال الوزير مملوكه جابر حتى أجلسه على الكرسي العلى ، فاستقام ظهره فوقها ، وامتلأ بالزهو . وكانت عيناه تبرقان ، وتدغدغ مخيلته الأحلام . فتح الحلاق حقيبته . أخرج موسا له بريق ، ومعه مسنه الجلدي . وراح يسن الموس .. " اشحذ موسك أيه الحلاق .. اشحذ حتى يصبح كالومض البراق .. الرأس الذي ستجز شعره له في هذا الزمن المضطرب دوره .. فاصقل .. حد الموس حتى يصبح كالومض البراق " .. وكان الصبية يهيئون كل ما تحتاجه حلاقة يشرف عليها الوزير بنفسه ، ولما صار الموس ذا حد يفري الحديد ، تناول الحلاق برقة رأس المملوك جابر . فارتخت عضلات رقبته ، واستسلم هادئا بينما سرت في العينين نشوة كالحلم .
الوزير : ( منفعلا هذا الراس له قدره عندي .. أريدك بارعا كما عرفتك . احلق الشعر من الجذور . من أعمق منابته .. أريد أن يصبح رأس مملوكي جابر أكثر نعومة من خدود العذراى .
الحلاق : ( منحنيا في طقسية ) سمعا وطاعة .
الصبيان : ( وهم يصطفون وراء الحلاق متهيئين لك خدمة .. بصوت غنائي رقيق خافت أثناء الحلاقة ) . " يا معلمنا احلق ونعم الحلاقة . خل الرأس يصير مثل خدود العذراى يا معلم الحلاقين .. بفن ومهارة .. خل الرأس يصير مثل خدود العذارى " .
الحكواتي : ( على صوت الغناء الرقيق الخافت ) وأخذ الحلاق يحز شعر المملوك جابر . ولخفة يده ومضاء حد موسه ، لم يكن جابر يشعر إلا ببرودة لطيفة تشبه الأنسام، وترتخي لها الأجفان . وتساقطت خصلات الشعر .. خصلة بعد خصلة تساقطت .. وبان جلد الرأس .. يد الحلاق ماهرة رشيقة ، تتحرك فيلتمع الجلد.
الوزير : نعم يا حلاق .. نعم ما استعطت .
الحلاق : ( منحنيا للوزير ) سمعا وطاعة ..
الصبيان : خل الرأس يصير مثل خدود العذراى ..
الحكواتي : وشعر جابر برأسه يعرى . أحس بالبرودة ، لكنه لم يرتعش ، ولم تضطرب عيناه ، بل ظلت النشوة تختلج فيهما ، والموس .
يروح ويجئ ، حتى صار لرأسه لمعان المرايا . .
( تسقط حزمة ضوء على رأس جابر ، فينبثق منه لمعان ) . .
الحلاق : ( يعطر الرأس ، ويمسح عليه فتنزلق أصابعه ... ) نعيماً .. ( ثم يلتفت إلى الوزير ) نعيماً لمولانا ومملوكه . .
الصبيان : نعيما لمولانا ومملوكه . .
الوزير : ( يتحسس هو الآخر رأس المملوك جابر ، فتثيره نعومته ) عظيم .. عظيم .. أصبحت تغار من رأسك خدود أجمل العذارى ( ثم يلتفت إلى الحلاق وصبيته ) انصرفوا الآن ( بعد أن يجمع الحلاق وصبيته أدواتهم ينسحبون وهم يتمتمون : " نعيماً لمولانا ومملوكه ، مكررين نفس الطريقة الطقسية التي دخلوا بها ) . .
جابر : ارتعش من السعادة ، إذ يسبغ مولاي على رأسي الوضيع هذا الاهتمام .
الوزير : رأسك يساوي مملكة يا جابر . .
جابر : هو لك يا مولاى ( لحظة حتى يخرج الحلاق من الباب ) والآن ... ابحث يا مولاي عن ريشة وحبر لا يمحى إلا بالحفر .
الوزير : ( منفعلاً ) هذا ما سنفعله بلا إبطاء . .
ويبتسم ابتسامة طويلة تغص بالمعاني .. يأتي الوزير ومعه الدواة والريشة ) . .
جابر : بين يديك يا مولاى . .
( يركع جابر بحركة بطيئة ووجهه للجمهور ، بحيث تبدو واضحة كل الانفعالات التي يمكن أن تعبره . يأتي الوزير بكرسي منخفض ، ويجلس خلف جابر واضعا الدواة قربه ، يمسح مرة أخرى على الرأس الذي يلمع تحت الأضواء . ثم يغط ريشته بالدواة في الكتابة . عندما يضع الريشة على رأس جابر تتلقص ملامحه تحت تأثير الوخزة ، لكنه يتحمل ، وتخفق عيناه ) . .
جابر : ( ووجهه يتلقص ) آه ليت مولاى يختار من الكلمات ألينها وأكثرها إيجازاً . .
الوزير : لا تخف سأوجز في الكتابة ما استطعت . .
( من حين لحين يتوقف الوزير لحظة ، يفكر فيها باحثاً عن كلمة ، ثم يعود إلى الكتابة ) . .
جابر : ( متلقصا من الألم ) هذه الكلمة أحسها تنغرز في دماغي ، ليت مولاي يجد كلمة أخرى . .
الوزير : انتهيت تقريباً . .
( ينهي الجملة التي يكتبها . يضع الريشة ، ويغلق الدواة ، لكنه يتوقف فجأة ويسهم مفكراً ) . .
جابر : بعد أن فرغ مولاي من كتابة رسالته ، هل يسمح لي بالنهوض . .
الوزير : ( ساهما ) لا .. لا .. انتظر قليلاً . .
( ينهض ، ويذرع الديوان جيئة وذهاباً . يتناول نشوقا ويعطس ) . .
الحكواتي : وفكر الوزير كانت هناك حاشية ناقصة فيما يبدو وتردد .. عطس وتردد . وبعد أن اجتاز الديوان مراراً في غدو ورواح ، التمعت عيناه ، وعاد يجلس على كرسيه . .
الوزير : انتظر .. انتظر .. هي جملة وننتهي . .
_ يكتب الوزير جملة جديدة ، وينقبض وجه جابر من الألم ) . .
الوزير : ( يربت على كتفه بابتسامة ) والآن ... تستطيع أن تنهض .
جابر : ( وهو ينهض ) هل يشرفني مولاي الآن بمعرفة الجهة التي سأحمل إليها رسالته ؟ .
الوزير : ليس الآن .. ستعرف فيما بعد المهم أن ينبت شعرك بسرعة ، وأن يكسو جلد رأسك كطاقية سوداء .
جابر : وإلى أن يحين ذلك الوقت ؟.
الوزير : إلى أن يحين ذلك الوقت .. ستثقيم في غرفة منعزلة ومظلمة حتى لا يراك أحد ، ولا يقرأ ما هو مخطوط على رأسك إنس ولا جن . .
جابر : من أجل مولاي مستعد لكل شيء .
الوزير : إذن تضع على رأسك كوفية . وتستعد للمكوث في غرفة مظلمة . هيا معي ( يمسكه الوزير بيده ، ويخرجان ) .
الحكواتي : وهنا نستأذن المستمعين الأكارم باستراحة قصيرة نشرب فيها فنجانا من الشاي طبعا من يشاء الخروج لقضاء حاجة يستطيع الخروج ، ومن يشاء البقاء يمكنه أن يبقي ( تنفر من بين الزبائن تعليقات وردود فعل سريعة .. ) لا .. بالله عليك كمل ... .
زبون 3 : نريد أن نعرق بقية الحكاية .
زبون 1 : دائما تقطعها في لحظة حرجة .
زبون 2 : هات شاي للعم مونس .
زبون 1 : تستطيع أن تشرب الشاي ، وأنت تقرأ .
الحكواتي : لا تخافوا .. سنكمل القصة .. دعوني أسترد أنفاسي قليلا .
زبون 3 : اتركوه على راحته . لن يغير العم مونس عادته .
زبون 2 : هات نارة يا أبو محمد .
الخادم : حاضر .
( يعود جو المقهى إلى التراخي والفوضى ، كلام .. وتعليقات .. وصياح على أبي محمد الذي تنشط حركته الآن . بعض الزبائن يستغل الاستراحة للخروج قليلا من المقهى ) ..
زبون 1 : أرى أن أعرف إلام سينتهي هذا الولد .
زبون 2 : يمين بالله أحببته . .
زبون 3 : يفهم الحياة كأنه جربها أجيالا . .
زبون 2 : ويعرف كيف يقتنصها أيضا .
زبون 3 : الحياة كالمرأة لا تعطي جسدها إلا لمن يعرف كيف يأخذ جسدها . .
( الخادم يحمل صينية عليها عدد من كؤوس الشاي .. يضع كوبا أمام الحكواتي ، ويوزع الباقي ، ثم يعود بعد قليل حاملا موقد الفحم الجمر على النراجيل ) .
زبون 1 : أنا أقول إن شأنا كبيرا ينتظر هذا المملوك .
زبون 2 : بمثل هذه الفطنة والجرأة يستطيع أن يتسلق عرش السلطنة .
زبون 4 : لا تزيدوها . ما هو إلا ولد ذكي ونهاز للفرص .
زبون 3 : نهاز للفرص .. ليكن . هذا هو الطريق للوصول إلى أعلى المراتب .
زبون 4 : وأحيانا إلى أسفل المراتب إذا كنت لا تعرف .
زبون 2 : نعرف ونرى كيف يسير دولاب الدنيا .
زبون 1 : ولد بهذه العياقة ، يخرج من ألف مصيدة بسلام .. بالله يا عم مونس عجل .. أنا أقول إن شأنا كبيرا يتظر هذا المملوك ، فما رأيك ؟ .
الحكواتي : اصبروا .. اصبروا هي دقائق وتعرفون بقية الحكاية ..
زبون 1 : طيب .. العم مونس لا يريد أن يجيب . ولكن هل تراهن على ما أقول ؟.
زبون 2 : وأنا أنزل معك بالرهان .
زبون 4 : لا أراهن .. قد يصح ما تقول ، إلا أن المنطق السليم هو ألا يصح ما تقول .
زبون 1 : هذه فذلكة . نحن نعرف الدنيا ، ونرى كيف يسير دولابها .
زبون 2 : ستأتي بقية القصة على كل حال .
زبون 1 : هات شاي يا محمد ..
زبون 3 : ما دام العم مونس يطلب استرحة افتح لنا الراديو .
زبون 2 : أي .. افتح هذا الراديو يا أبو محمد ..
( أبو محمد يفتح الراديو .. ) .
صوت المذيع : وفي الساعة السابعة من مساء اليوم عقد اجتماع هام بالقصر الجمهوري حضرة السادة الوزراء .
زبون 1 : غير المحطة يا أبو محمد ..
زبون 4 : دعونا نسمع نشرة الأخبار .
زبون 1 : بلا أخبار ووجع قلب .
زبون 2 : ابحث عن أغنية تبل الريق . .
زبون 3 : أي أسمعنا غنوة حلوة ..
( يد محمد تحرك المؤشر بحثا عن أغنية .. ينبثق صوت أم كلثوم في أغنية " الحب كده " ..) .
أصوات زبائن : - أيوه يا سلام .
( يستقر المؤشر على المحطة ، ويتوضح غناء أم كلثوم ، وهي تكرر " الحب كده " العم مونس يرقب الزبائن ، ويهز رأسه بينما يشرب الشاي بهدوء . تستمر الأغنية بضع دقائق هي تقريبا فترة الاستراحة . ومن حين لحين نمسع آهة " يا سلام " ) .
بعد الاستراحة.
( يخفت صوت الغناء ويصبح خلفية ... ) .
زبون 2 : أنهي العم مونس فنجان الشاي .
زبون 1 : لنسمع إذن بقية الحكاية .
زبون 3 : لا بأس بهذه الحكاية تملأ الدماغ فعلا .
زبون 1 : والله .
زبون 2 : حلفتك بالله يا عم مونس لماذا تتدلل علينا بسيرة الظاهر ؟.
الحكواتي : العم مونس لا يعرف الدلال ، ولكنه يعرف جيدا ترتيب الحكايات في كتابه .
زبون 2 : تبالغ في الحرص على الترتيب وكأنه تنزيل حكيم .
الحكواتي : لن نفهم أيام الظاهر ، إلا إذا فهمنا ما تقدمها من أوضاع وأزمان لا تنسوا أن التاريخ متسلسل .
زبون 2 : ولكن متى تنتهي حكايات ما قبل الظاهر ؟ .
الحكواتي : كل شيء وله أوانه .
زبون 2 : أتكون حكاية اليوم هي الأخيرة ؟.
الحكواتي : من يدري ( يفتح كتابه مبسملا بصوت خافت .
زبون 2 : لا فائدة .. كتوم وعنيد أيضا .
زبون 3 : با أبو محمد .. ساعدنا على العم مونس ، كي يبدأ السيرة غدا .
الخادم : وهل أستطيع والله مشتاق لسماعها أكثر منكم .
الحكواتي : ونعود إلى الصلاة على النبي ، ونتابع مجرى قصتنا .
أصوات : ألف الصلاة والسلام عليه .. سنرى الآن نهاية جابر .
- اقفل الراديو.
( تهدأ الضجة ، ويختفي صوت الراديو .. يرين الصمت والانتظار )

ليست هناك تعليقات:

صالح الزناتي

.
هل يستطيع أي صحفي أو اعلامي ان يتبرأ من المورثات الثقافيه التي يحملها ..؟؟ هل يقدر على التنصل من اخلاقيات الأديب والمثقف الكاتب؟؟ وهل يستطيع ان يخرج من البيئه التي يعيش بكامل أطرها ومعطياتها ,فيكتب مالا يقبله العقل والقلب ..؟؟ ان الكاتب أو الإعلامي لا بد ان يسير على نهج سلفه الصالح ..وان أمسك قلمه لا بد أن يحمل مع قلمه مشاعره ,احاسيسه ,ثقافته,ومورثاته الخلقية,فتأتي كتاباته تحمل الكروموسومات التي سبق ان حملها سواء من تجارب ثقافية أو مركبات جينية...
على الكاتب ان يزن احرفه وجمله قبل ان يسطرها قلمه فينشرها عبر الإنترت او شاشات التلفاز وأوراق الصحف,لأنه سابقاً قالوا ان غلطة العالم بألف ..فما بالنا بغلطة الكاتب أو الإعلامي .التي غطله واحده كفيله أن تغير او تشتت فكر أناس بسطاء لا يملكون من الدنيا إلا سطحية التفكير و هشاشة العقل

صالح الزناتي

مرحبا بكل من هل علي بالزيارة
مواقع و منتديات هامة و رائعة

tunisia sat

tunisia sat
site web tunisenne

tunisia-sport

منتديات تونس سات

startimes2

kuwait2

hannibal-sat

hannibal-sat
http://www.hannibal-sat.com/vb/

tunisia-web